الاكتئاب: دليل شامل لفهم أعمق

الاكتئاب ''Depression'' هو أحد أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً حول العالم، ويلقبه كثيرون بمرض العصر، نظراً لارتباطه بمشاكل العصر الحالي الذي نعيشه، وهو حالة شعورية تتجاوز الحزن العابر، لتصبح حالة نفسية عميقة تؤثر على كيان الإنسان وجوهره، وتؤثر على أسلوب حياته.

ربما يتجنب الكثيرون التحدث عن شعورهم بالاكتئاب بسبب شعورهم بالوصمة الاجتماعية، أو بسبب إنكارهم لإصابتهم بهذا الاضطراب، أو حتى الخلط بينه وبين اضطرابات أخرى. لذا، من المهم إلقاء الضوء على هذا الاضطراب الأكثر انتشاراً في العالم.

ما هو الاكتئاب؟

يُعرّف الاكتئاب طبياً - بحسب منظمة الصحة العالمية - بأنه حالة مستمرة من الحزن أو فقدان الاهتمام أو المتعة. قد يُصاب أي شخص بالاكتئاب، وتستمر هذه الحالة لأسبوعين أو أكثر، وتؤثر بشكل واضح على الحياة اليومية.

ويختلف الاكتئاب عن التقلّبات المزاجية المؤقتة أو ردود الأفعال الانفعالية اللحظية تجاه ضغوط الحياة اليومية، لأن الاكتئاب أعمق وأكثر استمرارية.

الفرق بين الحزن المؤقت والاكتئاب السريري

يكمُن الفرق بين الحزن والاكتئاب في طبيعتهما واستمراريتهما، فالحزن هو شعور إنساني طبيعي يأتي كرد فعل لموقف حزين أو مؤلم، ويكون الشعور بالحزن مؤقتاً ويتلاشى مع مرور الوقت ويتخلله غالباً لحظات من الراحة أو الفرح. أما الاكتئاب فهو مرض نفسي يستمر لفترة طويلة، ويؤثر الاكتئاب على الحياة اليومية فيجعل المصاب يشعر بحزن عميق وفقدان للمتعة دون أسباب واضحة، وتكون أعراض الاكتئاب ثابتة أو تزداد سوءاً مع الوقت.

يوجد فرق آخر مهم بين الحزن والاكتئاب، وهو أن الحزن لا يمنع الإنسان من ممارسة حياته وأعماله، بينما يؤثر الاكتئاب على قدرة الفرد في أداء المهام اليومية، وقد يصل الاكتئاب إلى فقدان الرغبة في العمل والتفاعل مع الناس، أو حتى الانعزال الكامل. كذلك يُعد الحزن تجربة شخصية لا يمكن تشخيصها طبياً، في حين أن الاكتئاب يمكن تشخيصه من قبل المختصين.

أنواع الاكتئاب الشائعة

تختلف أنواع الاكتئاب وأعراضها كالتالي:

• الاكتئاب الشديد (Major Depressive Disorder):يؤدي إلى حزن عميق وفقدان اهتمام، ويعاني في المصاب بتعب مستمر. وتستمر نوبة الحزن في هذا النوع لأسبوعين أو أكثر، وقد تتكرر لأكثر من مرة. ومن أهم أعراض الاكتئاب الشديد: اضطرابات النوم والشهية والطاقة منخفضة وصعوبة التركيز والأفكار السوداوية.
• الاكتئاب المستمر (Persistent Depressive Disorder):هو حزن مزمن يستمر لعامين أو أكثر، وهو أقل حدة من الاكتئاب الشديد لكنه يؤثر على جودة الحياة. ومن أهم أعراضه الطاقة المنخفضة والنوم غير المنتظم وقلة الثقة بالنفس والشعور باليأس.
• اكتئاب ما بعد الولادة (Postpartum Depression):يصيب الأمهات في فترة الولادة ''قبل وأثناء وبعد الولادة''، وهو مرتبط بالتغيرات الهرمونية وقلة الدعم في هذه المرحلة الحساسة في حياة النساء. ومن أهم أعراض اكتئاب ما بعد الولادة: القلق والتوتر والتعب والأفكار السلبية تجاه الذات أو الطفل.
• الاكتئاب ثنائي القطب (Bipolar Depression):هو التقلب بين نوبات الاكتئاب ونوبات الهوس، إذ نرى أعراض النشاط المفرط وقلة النوم والاندفاع في نوبات الهوس، ثم التعب وفقدان الاهتمام والأفكار الانتحارية في نوبات الاكتئاب
• الاضطراب العاطفي الموسمي (Seasonal Affective Disorder):يرتبط بتغير الفصول خاصة في الشتاء، وهو ناتج عن قلة التعرض للشمس. ومن أعراضه: الخمول والعزلة والشهية المرتفعة والأفكار السلبية، وعلاجه الأساسي يأتي بالدعم النفسي والتعرض للضوء.
• الاكتئاب الذهاني (Psychotic Depression):هو اكتئاب شديد مصحوب بأوهام أو هلوسات. ومن أعراضه: فقدان الارتباط بالواقع والأفكار الوهمية واضطرابات في الحركة. وذلك النوع من الاكتئاب يحتاج لتدخل طبي متخصص.

هكذا يصف 2,500 من مستخدمي تطبيق استنارة شعورهم بالاكتئاب:

كنت أعاني من اضطرابات النوم وفقدت رغبتي في القيام بأي شيء.

لم أعد أجد طعماً لما كنت أحبه سابقاً. هذا ما جعلني أدرك أنني بحاجة للمساعدة.

عندما بدأت جلسات العلاج شعرت لأول مرة أن هناك من يفهمني.

كأنك داخل ضباب لا يزول. كل شيء يبدو بلا طعم وبلا دافع وبلا نهاية.

كنت أستيقظ كل صباح وأنا أشعر بثقل لا يُحتمل على صدري

كنت أعاني من اضطرابات النوم وفقدت رغبتي في القيام بأي شيء.

لم أعد أجد طعماً لما كنت أحبه سابقاً. هذا ما جعلني أدرك أنني بحاجة للمساعدة.

عندما بدأت جلسات العلاج شعرت لأول مرة أن هناك من يفهمني.

كأنك داخل ضباب لا يزول. كل شيء يبدو بلا طعم وبلا دافع وبلا نهاية.

كنت أستيقظ كل صباح وأنا أشعر بثقل لا يُحتمل على صدري

كنت أعاني من اضطرابات النوم وفقدت رغبتي في القيام بأي شيء.

لم أعد أجد طعماً لما كنت أحبه سابقاً. هذا ما جعلني أدرك أنني بحاجة للمساعدة.

عندما بدأت جلسات العلاج شعرت لأول مرة أن هناك من يفهمني.

أعراض الاكتئاب الشائعة

إليك أبرز أعراض الاكتئاب الجسدية والنفسية الشائعة:

• شعور الحزن العميق.
• فقدان الشغف.
• الإحساس بالوحدة الدائمة.
• صعوبة التركيز وتشتت الذهن.
• الشعور بالذنب والندم.
• أفكار سوداوية متكررة.
• آلام جسدية مزمنة.
• اضطرابات النوم.
• تغيرات في الشهية والوزن
• إرهاق مستمر وخمول بدني
• صداع متكرر
• ضعف عام في المناعة والحيوية

مقال ذو صلة: أعراض الاكتئاب عند النساء

هل تعاني من هذه الأعراض؟ احصل على استشارة متخصصة على تطبيق استنارة.

وإليك جدول مفصل للمقارنة بين أعراض الاكتئاب والقلق والاحتراق النفسي والاضطراب ثنائي القطب، حتى تتمكن من التفرقة بينهم.

ما هي أسباب الاكتئاب والعوامل المؤثرة في حدوثه؟

حتى الآن لا يمكننا الجزم بوجود سبب محدد لحدوث اضطراب الاكتئاب، فهو نتاج العديد من العوامل التي تؤدي إلى اختلافات في كيمياء الدماغ، بمعنى حدوث تغيرات في وظيفة الناقلات العصبية وتفاعلها مع الدوائر العصبية المسؤولة عن استقرار المزاج.

ومن العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب:

• الاستعداد الجيني:الاكتئاب أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين لديهم أقارب أصيبوا به من قبل، وذلك بحسب نموذج الاستعداد للتوتر (Diathesis-Stress Model). ولكن إصابتك بالاكتئاب ليست مؤكدة في هذه الحالة، وإنما مجرد "استعداد"، ولا تظهر أعراض الاكتئاب إلا إذا تفاعل الاستعداد الوراثي مع عوامل بيئية مرهقة مثل الصدمات النفسية والتوتر المزمن وصدمات الطفولة، وحتى الجينات المرتبطة بالاكتئاب مثل SLC6A4 وCOMT لا تسبب الاكتئاب بمفردها، بل تحتاج إلى تفاعل بيئي محفز.
• غياب الدعم الاجتماعي والبيئة المحيطة:كما أوضحنا من قبل، فإن الاستعداد الوراثي لا يعني ضرورة حدوث الاكتئاب، وإنما البيئة السلبية وغياب الدعم سيزيد من تأثير الاستعداد الوراثي على الإصابة بالاكتئاب.
• الهرمونات: التغيرات في توازن الهرمونات قد يؤدي إلى حدوث الاكتئاب، مثل الحمل ومشكلات الغدة الدرقية وانقطاع الطمث أو أي حالات أخرى تؤثر على الهرمونات.

طرق تشخيص الاكتئاب

يقوم الأطباء أو الأخصائيون النفسيون بتشخيص الاكتئاب من خلال عدة إجراءات:

• المقابلة السريرية:يبدأ تشخيص الاكتئاب بالفحص السريري لفهم أعراض الاكتئاب ومدى تأثيرها، والذي يبدأ التشخيص بفحص جسدي وفحص دم لاستبعاد الأسباب العضوية. وإذا لم توجد أسباب جسدية، يُجرى تقييم نفسي شامل.
• التقييم النفسي الشامل:لمعرفة التاريخ العائلي وشدة الأعراض ومدتها، واكتشاف استخدام الكحول أو المخدرات، والكشف عن الأفكار الانتحارية.
• استخدام استبيانات تقييمية:مثل استبيان مخاطر الاكتئاب(PHQ-9).

متى يجب التحدث إلى أخصائي؟

يجب التحدث إلى أخصائي إذا استمرت علامات الاكتئاب لأكثر من أسبوعين، إلى جانب زيادة تأثير تلك الأعراض على أدائك اليومي أو علاقاتك الاجتماعية أو العائلية. من المهم طلب المساعدة المهنية فوراً في هذه الحالة.

طرق علاج الاكتئاب

يعتمد علاج الاكتئاب على شدة الحالة وظروف الشخص، ومن أبرز خيارات علاج الاكتئاب المتاحة ما يلي:

• العلاجات النفسية: أبرزها العلاج المعرفي السلوكي (CBT) الذي يهدف إلى تعديل الأفكار السلبية والأنماط السلوكية، والعلاج النفسي التفاعلي (IPT) الذي يركز على تحسين العلاقات والمواقف التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنوبات الاكتئاب الحالية.
• الأدوية المضادة للاكتئاب:تُوصف من قبل طبيب نفسي مختص وتساعد على تعديل كيمياء الدماغ، ويكون العلاج الدوائي مصمماً وفقاً لاحتياجات الفرد.
• تغييرات نمط الحياة:مثل ممارسة الرياضة بانتظام واتباع نظام غذائي متوازن وتحسين جودة النوم.
• الدعم الاجتماعي:وجود شبكة دعم من الأصدقاء والعائلة له تأثير كبير في تحسين الحالة النفسية.
• أدوات المساعدة الذاتية: مثل تتبع المزاج اليومي وكتابة اليوميات، أو من خلال استخدام طرق الدعم النفسي المتوفرة على تطبيق استنارة.

مقال ذو صلة: كيفية التخلص من الاكتئاب بسرعة

مقال ذو صلة: أعراض التوقف المفاجئ عن أدوية الاكتئاب

حمل تطبيق استنارة لمساعدتك على تتبع حالتك والدعم الذاتي اليومي.

الاكتئاب في المجتمع العربي

يظل الاكتئاب موضوعاً حساساً حتى هذه اللحظة في الكثير من المجتمعات العربية، ويُنظر إليه في كثير من الأحيان بنظرة خاطئة تؤدي إلى التقليل من شأنه، وبالتالي تأخر علاجه.

وتؤدي هذه النظرة الخاطئة تجاه اضطراب الاكتئاب إلى خوف المصاب من نظرة المجتمع، خاصة بين الشباب والنساء، الأمر الذي يمنع الكثير من المصابين من التصريح بوجود مشكلة أو طلب الدعم والعلاج.

كما أن أعراض الاكتئاب قد لا تُفهم بشكل صحيح، إذ تتداخل أعراض الاكتئاب مع العديد من الاضطرابات الأخرى، مما يزيد من تعقيد تشخيص الاكتئاب، إلى جانب صعوبة التعامل معه، وهذا التعامل يتمثل في معالجة أو إدارة الاكتئاب.

كل هذا يؤدي إلى أن نسبة الأشخاص المصابين باضطراب الاكتئاب الشديد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين يتلقون علاجاً مناسباً هي حوالي 5.2%.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية وجود مصادر الدعم المحلي لعلاج الاكتئاب، والمتمثلة في جمعيات الصحة النفسية المحلية، وخطوط المساعدة مثل خط الدعم النفسي في الإمارات أو السعودية، إلى جانب تطبيقات العلاج النفسي عن بُعد مثل تطبيق استنارة.

ابدأ رحلة علاج الاكتئاب الآن

الوقت لم يتأخر بعد، فهذا هو الوقت المناسب لتبدأ رحلتك في علاج الاكتئاب مع ممارسين صحيين مرخصين من خلال تطبيق استنارة.

توفر لك منصة استنارة الإلكترونية إمكانية حجز جلساتك بسهولة تامة وضمان أقصى درجات السرية والخصوصية باستخدام أعلى معايير الأمان.

ابدأ الآن.