المقالات - الوسواس القهري
04-August-2022 : تاريخ
مؤلف: استنارة
الوسواس القهري.. سلوكيات مزعجة لكن التخلص منها ليس بالأمر المستحيل
توجد الأفكار الوسواسية والأفعال القهرية بدرجات متفاوتة في حياتنا اليومية، فنادرًا ما تجد شخصًا لم يعُد للتأكد من إغلاق الباب أو إطفاء النور، أو لم يتردد في استخدام ملعقة وقعت على الأرض خوفًا من تلوثها رغم أن هذا الاحتمال ضئيل. لا داعي للقلق من مثل هذه الأفكار أو الأفعال، فهي جزء من الجهد الذي يبذله العقل للسيطرة على مجريات حياتنا. ولا تتحول هذه الأفكار إلى مرض إلا عندما تصبح قوية ومكثفة ومتكررة بما يكفي للتأثير سلباً على حياة الفرد وصحته النفسية وتوازنه.
اضطراب الوسواس القهري (OCD)
الوسواس القهري هو اضطراب شائع ومزمن طويل الأمد، يتميز بأفكار ملحّة ومخاوف وسواسية تؤدي إلى سلوكيات قهرية، فيجد المصاب نفسه مدفوعًا لتكرارها باستمرار دون قدرة على السيطرة عليها أو تجاهلها، مما يضعه في حلقة مفرغة. وتظهر الأعراض على شكل أفكار أو اندفاعات متكررة يصعب على الفرد تجاهلها، أو سلوكيات قهرية يشعر بضرورة القيام بها لتخفيف قلقه.
مدى انتشار الوسواس القهري
تشير دراسات إحصائية حديثة إلى أن نسبة انتشار الوسواس القهري في البلدان العربية تتعدى 2% من إجمالي السكان، ما يعني أن نحو ستة ملايين عربي يعانون من هذا الاضطراب سنويًا. وتصدرت السعودية والعراق أعلى نسبة إصابة بواقع 2.5% من السكان، تليها مصر، الإمارات، وقطاع غزة بنسبة 2.3%، وهي نسبة تُعد مرتفعة بشكل عام.
سمات الوسواس القهري
اضطراب الوسواس القهري يتميز بالعلامات التالية:
1. الوساوس: تأتي على هيئة أفكار أو مخاوف ملحّة تتكرر بشكل مزعج.
2. الأفعال القهرية: تظهر الأعراض غالبًا كطقوس حركية مستمرة أو دورية يقوم بها المريض دون رغبة حقيقية، لكن بدافع من الوساوس المسيطرة عليه.
3. اليقين بتفاهة الوساوس: غالبًا ما يكون المصاب على دراية بأن أفكاره غير منطقية، لكنه لا يستطيع إيقافها أو تجاهلها.
4. محاولات المقاومة: يحاول المريض مقاومة الوساوس بشكل دائم، رغم ضعف المقاومة مع طول مدة المرض.
5. الإحساس بالسيطرة القهرية: يشعر المصاب بأن هذه الوساوس مسيطرة عليه، مما يؤدي إلى اختلالات في حياته الاجتماعية ومعاناته من آلام نفسية شديدة.
يُعرّف الوسواس القهري تاريخيًا بأنه اضطراب عصابي، إذ يكون الشخص على دراية بأفكاره وسلوكياته غير المنطقية ومع ذلك يجد صعوبة في السيطرة عليها. ويميز الوسواس القهري عن غيره من الاضطرابات بأن القلق هو المحور الأساسي له؛ حيث تسهم الأفكار والأفعال في زيادة أو تخفيف درجة القلق لدى المصاب.
الوسواس والأفعال القهرية
- الوسواس: هو "أفكار أو خواطر ملحة أو دوافع يخترعها المريض، لكنها تزعجه بشكل كبير، ويحاول تجاهلها أو مقاومتها، إلا أنها تعاود الظهور بشكل متكرر."
- الأفعال القهرية: هي "سلوكيات تبدو هادفة لكنها تتكرر بنمط معين، وقد يكون فيها نوع من الإفراط مثل غسل اليدين بتكرار مفرط يتجاوز هدف النظافة."
تتمثل الأفعال القهرية في سلوكيات متكررة (مثل غسل اليدين، الترتيب، المراجعة) أو أفعال عقلية (مثل العد وتكرار الكلمات بشكل صامت)، حيث يشعر الشخص بأنه مجبر على القيام بها استجابةً لوساوسه أو تبعًا لقواعد صارمة. وقد يُدرك المريض في مراحل معينة أن هذه السلوكيات غير منطقية، لكنها تصبح معقدة وتتسبب في إزعاجه واستهلاك طاقته ووقته.
العوامل المسببة للوسواس القهري
تؤدي مجموعة من العوامل الوراثية، البيئية، والبيولوجية العصبية إلى حدوث اضطراب الوسواس القهري. ومن أهم هذه العوامل العامل الوراثي، فقد أظهرت الدراسات أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين إصابة الأفراد وأفراد عائلاتهم بالمرض، مما يعني أن للوراثة دورًا أساسيًا في نشأة الاضطراب.
أهم الملامح الرئيسية لاضطراب الوسواس القهري
1. التجنب: يلجأ الشخص إلى تجنب المواقف التي تثير الوساوس أو تحفز الأفعال القهرية، ويشابه ذلك سلوك التجنب في حالات الفوبيا.
2. الخوف من الكوارث: يشعر المصاب بالخوف من أن يحدث مكروه إذا لم يقم بسلوكياته القهرية، رغم عدم ارتباط هذه الأفعال منطقياً، مثل الخوف من حصول حادث عند عدم ترتيب الغرفة.
3. المقاومة: تعد المقاومة إحدى السمات الأساسية للوسواس القهري، إذ يحاول المصاب مقاومة الوساوس، رغم أن البعض قد يتوقف عن المقاومة مع طول مدة الاضطراب.
4. السعي للتأكيدات: يطلب المريض تأكيدات من الآخرين ليشعر بالأمان، مثل التأكد من إغلاق الصنابير، لكنه يحتاج إلى طلب المزيد من التأكيدات لاحقًا.
5. عدم المقاطعة: يشعر المصاب بالحاجة إلى أداء السلوك القهري بشكل دقيق دون مقاطعة، وقد يضطر للبدء من جديد إذا تعرقل.
6. تأمل الأفكار: ينشغل المصاب بأسئلة لا نهاية لها، مثل "هل ارتداء هذا القميص أثناء المقابلة الشخصية سيتسبب في حصولي على الوظيفة؟"، مما يزيد من تعقيد حالته.
علاج الوسواس القهري
توجد عدة طرق علاجية للوسواس القهري، تشمل:
1. العلاج الدوائي: قد تساعد الأدوية -بتوصية من الطبيب- على تقليل الأعراض.
2. العلاج النفسي:
- العلاج بالتحليل النفسي: يتيح للمريض فهم صراعاته الداخلية من خلال كشف الصراعات اللاشعورية.
- العلاج السلوكي: يعتمد على مبادئ السلوك والنظريات السلوكية لتعديل الأعراض القهرية، وقد أثبت فعاليته في تحسين العديد من الأعراض.
- العلاج المعرفي: يستهدف التعامل مع الأفكار غير العقلانية المرافقة للاضطراب.
3. العلاج البيئي والاجتماعي: قد يتطلب العلاج تغييرًا في بيئة المريض، كتغيير العمل أو السكن إذا كان مرتبطًا بمصدر وساوسه.
يمكن أن يكون الوسواس القهري من الاضطرابات التي يصعب التحدث عنها، لكن ينبغي للمصاب أن يدرك أن طلب المساعدة أمر طبيعي، ولن يؤدي عزل النفس إلا إلى زيادة الأعراض وتأكيدها. في حال كنت تشعر بهذه الأعراض، لا تتردد في استشارة معالج نفسي، فذلك قد يساعد في تقليل القلق وتحسين جودة حياتك.
اليوم، أصبح الحصول على المساعدة أسهل؛ يمكنك تحميل تطبيق "استنارة" والتواصل مباشرة مع أحد مستشارينا المعتمدين من وزارة الصحة. احجز استشارتك الأولى واستفد من الخصم على أول جلسة.