الإلحاد: تعريفه وأسبابه وعلاجه
الإلحاد: فهم المشكلة ودوافعها وعلاجها
مهلاً. لا تُسرع في الحكم على محتوى هذه الصفحة المعنونة بـ ''علاج الإلحاد''، فنحن نعرف أن تناول موضوع الإلحاد أمر شديد الحساسية والصعوبة، نظراً للتاريخ الطويل من التشكيك في إمكانية علاج الإلحاد من الأساس، إذ ينكر البعض أن الإلحاد مرض، ويرفضون فكرة تشخيصه وعلاجه!
ولكن، في استنارة، نحاول معاً التحدث بعمق حول الإلحاد، واستكشاف تعريفه وأسبابه وإمكانية علاجه، ونمد معاً يد العون والمساعدة النفسية لمن وجد نفسه داخل دائرة الإلحاد ويحاول الخروج منها. فهل تريد البدء في خوض هذه الرحلة بأمان وسرية مع الحفاظ على خصوصيتك وبياناتك برفقة ممارسين صحيين وخبراء مرخصين؟
.اكتشف المزيد حول علاج الإلحاد مع تطبيق استنارة - حمّله الآن
تعريف الإلحاد - نظرة متعمقة
ما هو الإلحاد؟ يُعرّف الإِلحاد في اللغة العربية بأكثر من طريقة، فمعنى الإلحاد بحسب قاموس لسان العرب هو ''المَيْلُ عن القصْ''، بمعنى الإنكار أو التغطية. كما يُعرّف الإلحاد، بحسب قاموس أكسفورد، بأنه الاعتقاد بعدم وجود إله.
لكن، وبالنظر إلى أرض الواقع في هذه المسألة، نجد أن إطلاق حكم مطلق على الملحد قد لا يساعد على مساعدته، لأن نطاق الأفكار الإلحادية واسع، بدءاً من الإلحاد الكامل بوجود إله، ووصولاً إلى الإلحاد الجزئي الذي يؤمن بوجود الله ولكن مع وجود بعض الأفكار التشككية. لذا، من المهم التعرف على أفكار الشخص الملحد بشكل كامل ومتعمق، حتى نقف على الطريقة المثلى للتحاور معه وبحث إمكانية علاج الإلحاد.
الإلحاد والعلاج النفسي
بحسب ورقة بحثية نُشرت على الإنترنت من قبل مطبعة جامعة كامبريدج في 2018، فإن هناك اعتقاداً خاطئاً لدى الأطباء النفسيين أن المعتقدات والممارسات الدينية ذات أساس مرضي! وظل هذا الافتراض لقرون، مما أبعد احتمالية علاج الإلحاد لدى الكثير من الأطباء والمعالجين النفسيين، وبالتالي نشر فكرة خاطئة لدى المرضى ممن يريدون المساعدة على التخلص من أفكار الإلحاد.
تشير الدراسة أيضاً إلى أن هناك العديد من الأبحاث الحديثة التي تشير إلى أن الدين قد يكون أيضًا مورداً يساعد بعض المرضى على التكيف مع ضغوط مرضهم أو الظروف الحياتية القاسية، وأن الدراسات التي أُجريت على الأطباء النفسيين في المملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة تشير إلى أن هناك تحيزاً واسع النطاق ضد الدين، مع قلة دمجه في تقييم المرضى أو رعايتهم.
لذا، بات من المؤكد أن هناك فرصة لعلاج الإلحاد بطرق العلاج والطب النفسي على يد متخصصين، وأصبح من المنافي للمنطق - وحتى العلم نفسه - رفض هذه الفكرة!
أسباب الإلحاد
أسباب الإلحاد متعددة، وتختلف من شخص لآخر، بحسب طريقة تفكيره وأسلوبه في البحث والتحليل، وهي أيضاً تؤثر في الطريقة التي سيتخذها المعالج النفسي لمحاولة علاج الإلحاد لدى كل شخص على حدا.
وفيما يلي، إليك بعض من أسباب ظهور الإلحاد:
- التطرف والجمود الديني: في الغالب يكون الإلحاد نتيجة عكسية للتشدد الديني، الذي يؤدي إلى نفور من التدين أو حتى محاولة التعمق وفهم الدين بشكل صحيح. لهذا، يعد التطرف الديني أحد أبرز أسباب الإلحاد.
- إقصاء المفكرين والمتسائلين: إن رفض وإقصاء المتسائلين حول القضايا الدينية الكبرى والأسئلة الوجودية قد يكون من أسباب ظهور الإلحاد، فمن الطبيعي أن تتبادر إلى الأذهان أسئلة بلا إجابة، إلى جانب أن السعي إلى الحصول على إجابة هذه الأسئلة الوجودية الكبرى لهو قمة ما يهدف إليه الإنسان منذ بدء الخليقة وحتى الآن. لكن من المهم المناقشة والتحاور حول هذه الأفكار والسعي للحصول على إجابة عنها، بدلاً من تعنيف السائل، فتكون النتيجة أن يتحول إلى الإلحاد.
- الاتصال بملحد بارع الإقناع: ومن أسباب الإلحاد أيضاً أن يرتبط الشاب ضعيف الشخصية بشخص ملحد يتمتع بقوة نفسية وفصاحة لسان، فيؤثر عليه بإقناعه ويضلله عن دينه. وهنا يجب أن يعرف كل الشباب والمراهقين ضرورة التواصل وأخذ الرأي من جانب العديد من الشخصيات المحيطة والمختصين، وليس الاكتفاء فقط بشخص واحد تستقي منه كل معلوماتك.
- الإلحاد بالنشأة: الكثير من الناس ملحدون بسبب الطريقة التي نشأوا بها أو تعلموا بها، أو لأنهم ببساطة تبنوا معتقدات الثقافة التي نشأوا فيها. لذا فإن الشخص الذي نشأ في بيئة ملحدة فمن المرجح أن يتبنى الإلحاد.
وإلى جانب أسباب الإلحاد التي ذكرناها، فهناك من يجدون الإلحاد فكرة صحيحة في المطلق بدون أي نقاش أو دراسة أو تساؤل، إلى جانب من يلجأون إلى الأفكار الإلحادية لمجاراة الأقران والأصدقاء ممن يتبنون الثقافة الغربية دون الاعتداد بثقافة وعادات مجتمعاتنا.
الإلحاد والمشكلات النفسية الأخرى
هناك بعض المظاهر النفسية للإلحاد التي يمكن أن تظهر على الملحد بوضوح، مثل العزلة الاجتماعية والشعور بالفراغ الروحي والشك والتردد والبحث عن المعنى. ومن المهم إدراك أن هذه المظاهر النفسية للإلحاد قد تتشابه مع بعض من المشكلات النفسية الأخرى. وعلينا أن نقف على هذه التشابهات والفروق حتى يمكننا التشخيص الجيد لحالة المريض، سواء كانت أفكار إلحادية أو مشكلة نفسية أخرى. ومثال على ذلك ما يلي:
الإلحاد واضطرابات الشخصية
بعض حالات الإلحاد مدفوعة باضطرابات نفسية، ومثال على ذلك ''اضطراب الشخصية النرجسية''، إذ يتمحور مريض هذا الاضطراب حول نفسه بشكل متزايد يفوق السلوك الطبيعي، وقد يتشابك ذلك مع إنكار وجود إله كنوع من حب الذات والرغبة في الإحساس بالتحكم الكامل وإنكار وجود قوة أعلى.
الإلحاد والوسواس القهري
اضطراب الوسواس القهري (OCD) هو حالة شائعة ومزمنة تتميز بأفكار متكررة وملحّة، إلى جانب مخاوف وسواسية تدفع المصاب إلى تصرفات قهرية متكررة. يجد الشخص نفسه مدفوعاً إلى هذه السلوكيات بشكل قهري، دون القدرة على السيطرة عليها أو تجاهلها، مما يؤدي إلى دائرة مفرغة من القلق والتصرفات القهرية. وإذا نظرنا إلى هذا الاضطراب، نجد أن مثل هذا السلوك قد يندمج مع أفكار إلحادية متكررة لا يعرف الشخص كيف يتخلص منها بمفرده، فبعض من يملكون وساوس قهرية يملكون أيضاً وساوس دينية.
الإلحاد والاكتئاب
الاكتئاب هو اضطراب نفسي عميق يؤثر على الروح والجسد معاً، ويسبب حالة كبيرة من الحزن والضيق المستمر، ويؤدي إلى تغيرات جذرية في طريقة تفكير الإنسان وشعوره وسلوكه، مما يؤثر على جميع جوانب حياته. وبهذا التعريف، قد نجد أن بعضاً ممن يملكون أفكاراً وجودية وأسئلة لا إجابات لها قد يتعرضون لنوبات اكتئاب وحزن عميق بسبب عدم قدرته على الفهم الصحيح للدين، إلى جانب الدخول في حالة اكتئاب نظراً لعدم التوافق مع المحيط الاجتماعي للشخص الملحد.
علاج الإلحاد وخطة التعافي
يجب أن نعي أن التعافي رحلة فردية يمر بها كل شخص بطريقته الخاصة، وأن الانتكاسات تعد جزءاً طبيعياً من خطة التعافي. الأهم في علاج الإلحاد هو المثابرة والتعلم من كل تجربة، فكل خطوة تحمل درساً يقربنا من التعافي الكامل.
للحصول على استشارة حول علاج الإلحاد، يمكنكم التواصل مع فريق من الممارسين الصحيين ذوي الخبرة عبر منصتنا الإلكترونية اليوم. تطبيق استنارة يتيح لك حجز جلساتك بضغطة زر، ويضمن حماية خصوصيتك وسرية معلوماتك باستخدام أعلى بروتوكولات الأمان.